Friday, July 3, 2009

لا تعليق



دعوة لرحلة لأسعاد الفقراء ، قبلت السمراء بلا تردد
طرحت مجموعة من التساؤلات حول ما يجب ان تفعل
وفاجاتها الإجابة : افعلي ما تشائي ولك ما تريدين من المال ( يمكنك استضافتهم في المطاعم الأمريكية ، اجلبي لهم كل ما يريدون )
تحاول السمراء أن تسيطر على مخاوفها
بالتأكيد سيعودون ساخطون على حياتهم البسيطة
بالتاكيد سينحرفون ان ارادوا ان يفعلوا ما يفعلونه مرة اخري ويفاجأوا بضيق ذات اليد
ولكنها قررت الذهاب معهم ، وبدات الرحلة
تقدم احدي المشرفات على الرحلة للطفلات البسة بحر لا تناسب احجامهم وتوحي لهم بارتدائها
تعلق السمراء تعليقا عاما : من ليس لديه رداء للبحر فليقتني أحد تلك الألبسة على ان يتأكد أنها تناسبه
تجمع السمراء الاطفال حولها وتسالهم عما يريدون فعله الآن
تجيب المشرفة بديلاً عنهم : اكيد عايزين تخرجوا ، هو انتوا جايين علشان تتفسحوا و لا علشان تقعدوا ، اكيد علشان تتفسحوا .
تبتسم السمراء ، وتنظر الى الأطفال الذين يؤكدون انهم يريدون الخروج
يخرج الأطفال للتنزه على شاطئ البحر ، يلفون حول بائع حلوي البحر ( الفريسكا )
تلاحظ السمراء أن بعضهم يلفون لسانهم حول شفاههم ولكنهم لا يطلبون شيئا
تسألهم السمراء : اليس لديكم مال لشراء الحلوي
يجيبون : ان اموالنا ليست معنا الآن ، انها في مكان المبيت
السمراء : حسنا ، سادفع انا الآن ، وعندما نعود ردوا لي المال
وعند العودهم رد كل منهم ما اخذه من السمراء
تعلق المشرفة : هو انت هتخدي منهم الفلوس ، انا معايا فلوس علشانهم ممكن اديكي انا
السمراء : لا لقد كان اتفاق بيني وبينهم ، وانهم مازالوا اطفال فلنبني لديهم قيمة الوفاء بالوعود وقد وعدوني برد المال .
وتسير الأيام يتخللها تلك الحوارات
السمراء : سيذهب الشباب الى السينما ، اما عنكم فماذا تودون ان نفعل ؟
المشرفة : انتوا لسة صغيرين على السينما ، اكيد عايزين تركبوا عجل
المشرفة : انتوا اكيد زهقتوا من العجل ، مانتوا ركبتوه امبارح ، انتوا عايزين تتمشوا وتاكلوا جيلاتي ، خدوا كل بولة بلون معقول يعني هتخدوا البولات كلها بلون واحد ؟
المشرفة : تعبتوا من المشي ، اصل الجو حر جدا ، منرجع بقي تناموا وتريحوا .
المشرفة : دة بيبيع توك ومديليات ، اشتروا يلا
السمراء : رتبوا رحلتكم كما تريدون ولكن مع الحفاظ على الأتفاق الجماعي فاتنم اخترتم ان تكونوا وسط جماعة
السمراء : يمكنكم شراء الحلوي في منتصف الوقت بين الوجبات ، ولكن ان كنا نتحرك الان نحو مائدة الطعام فما الداع لتك الحلوي ؟
السمراء : اشتروا ما تريدون ولكن فقط فكروا في سبب الشراء ( هدية لأختي ، احتاج الى ذلك او اي شئ آخر حتي لو كان الظهور بمظهر جديد في الأحتفالات المسائية )
الأطفال : وقت البحر قصير جدا
الأطفال : احنا تعبنا من البحر ، مش هنرجع البيت بقي
الأطفال : احنا جعانين ، هنروح نشتري شيبسي وببسي
الأطفال : احنا شبعانين مش عايزين ناكل
توقفت السمراء في منتصف الطريق جمعت الأطفال واغمضت عينيها وقالت
اطفالي انني لا املك المال لأعطيه لكم ، ولكني أملك ان احبكم ، ان اسمعكم ، ان اتحاور معكم ، ان كنتم تريدون ما لدي فأهلا بكم وان كنتم تريدون المال فلتذهبوا لمن يمنحكم اياه ، وهذا لا يعني اني ساتخلي عنكم بل سأظل بجواركم
لمعت اعين الأطفال ، صمتوا ليختبروا ارادتهم
تخترق المشرفة الصمت قائلة : هي ليها حق ، كتر خيرها ، بتخرجكوا ، وتشتري لكم حاجات ، جايبلكوا الوان وخرز علشان تعملوا لوح واعقاد ، وانتوا مفيش حاجة رضياكم
ثم تميل على السمراء قائلة : انتي مكبرة الموضوع قوي متسبيهم يفرحوا
السمراء : لا تعليق

8 comments:

حاول تفتكرنى said...

كانه تقرر علينا أن نقرأ مقالاتك اكثر من مرة ، لنكتشف هدف المقال
فالحوار ليس حوارا
والسرد ليس (ديالوج) بين اثنين
الصورة الاخيرة تكشف ما تريد السمراء أن نصل إليه

على مدار سنوات عمرنا ، مارسنا وتمارس علينا أنواع كثيرة من الوصاية ، وتعرضنا لمستويات متباينة من الايحاءات ، ووضعنا تحت الوان متعددة من الضغوط ، وقبلنا كل شىء طوعا او كرها ، باختلاف طرق الوصاية واساليب الضغط وحبكة الإيحاءات

لا يجب أن ننكر اننا لم نشعر بما مورس علينا قبلا ، ولا نلحظ ما قد نتمارسه الأن ، ولكن يجب أن نقر بأن السعادة تكمن فى الاختيار ، حين تترك لنا فرصة حقيقية لنعبر عما نريد

ولكننا ننطق بما يجب أن يكون - متسيبيهم يفروحوا- حتى لو لم نفعل شىء لأجله أو نفعل كل ما يخالف هذا

عند القراءة فى المرة الأولي ، خلت - وفى الوهلة الأولي - أن المقال لا يجب له تعليق ، وما المرة الاخيرة ايقنت أنه لا يجب له تعليق فقط

اعتقد ان تعليقك فاق الابجديات فى الجزء الاخير فأستحق ان يكون المقال بعنوان لا تعليق

أحييك بشدة

وميض ابتسامة said...

عزيزتى

ما اصعب ارضاء البشر .. غنى او فقير .. صغير أو كبير ..

انهم الوان وكل لون له شخصيته وكيانه .. وهناك بعض الالوان تحب ان تذوب مع لون آخر لتصنع كيان واحد

ولكن فى النهاية اننا نحن البشر ما اصعب ارضائنا ..!! تحياتى

Desert cat said...

الرضا بالمقسوم اصبح عملة نادرة وان وجدت
لذلك لا يستطيع كثيرا تمييز من هو همه عليه من عدمه
تحياتى

emad.algendy said...

لا اعلم كيف تصنعيها يا سمراء
من بساطة الموقف يتأصل بداخلي معان كثيرة عميقة قد لا ادركها
لكن اعلم وجودها
احيانا اقرا ما دونتي لاكثر من مرة لاستطيع ان احدد او اعرف او انطق لفظا يعبر عن ما وصلت له

محبتنا لهم تقويهم ليختاروا وتقوينا لنعطيهم فرصة ان يختاروا
لا ان نملكهم او اي يكونوا تابعين لنا

جميل عنوانك
لا تعليق
دمت محبة وصفو احسدك كثيرا عليه

عين فى الجنة said...

من الواضح انك انسانة نورانية تحب الخير

Anonymous said...

أعلم انه ليس من السهل تشكيل وجدان وادراك الاطفال .. وتحريك روح الاختيار لديهم والاستمتاع بتلك الحرية .. وأخيرا مساعدتهم فى هذا الشأن

كما وان التوجيه هو البوصلة الحقيقية التى تصل بهم لشئ مستهدف .. وهنا الفرق بين السمراء والمشرفة .. وهو الفرق بين الهاوى الذى يعشق ما يعمل ويعيشه قبل ان يقدمه .. وبين المحترف الروتينى المسلح بمعلبات جاهزة للتقديم عند اللزوم ..

تعرفى ياسمراء .. ليس حسنا ان نمارس عملنا كمحترفين وقد فقدنا روح الهواة

ذو النون المصري said...

مجهود طيب اتمني ان اشارك بمثله يوما ما
تحياتي

The Son of Man said...

انتي مكبرة الموضوع قوي