توقف السمراء السيارة بسرعة
تهرع داخل الممر الضيق بين المارة ذهاباً وإياباَ
تحمد الله على أن القطار لم يتحرك بعد
تقفز داخله ثم تتحرك ببطئ معلقة عينيها على أرقام المقاعد باحثة عن المكان المخصص لها
تجلس متنفسة الصعداء
تقتحم كلمات الوداع الصمت المخيم على المكان
خدي بالك من نفسك ، كلميني أول ما توصلي
يسود الصمت من جديد ،ثم يعود صوت آخر
اهرام ، أخبار ، الموعد
تمر فتاة شابة وتسأل
عربية كام دي؟
يتطوع أحد الركاب مجيباً
عربية 6
يسود صمت من جديد
يسأل أحد الركاب جاره
هي الساعة كام؟
يجيب بفتور
الساعة 7 إلا دقيقتين
يهم القطار بالتحرك
بعد خمسة عشر دقيقة يصل إلى محطة الجيزة
يتدفق حشود من البشر
تتعالى الأصوات
عن اذنك يا أستاذ دة مكاني
يقف الأستاذ متثاقلاً فيجلس صاحب المقعد
يتحرك الأستاذ فجأة بنشاط باحثاً عن مكان آخر
تدخل سيدتان مرتديتان جلباب اسود مغطيتان الروؤس بقماش أسود
يتجاوزهما شابان يرتدي كل منهما جلباب أبيض وعلى رؤسهما عصابة بيضاء محكمة اللف
تنادي أحد السيدتان بلهجة جنوبية
أحمد متبعدش عني يا ولدي
تصرخ الثانية بنفس اللهجة
والنبي يا أحمد كلم خالك قله احنا جايين في الطريق لو كانت الحاجة ماتت ميخرجوهاش إلا لما نوصل
يجيب أحمد بهدوء
حاضر يا خالة
يتحرك القطار
يلتفت الجميع نحو الصوت المنبعث من عربة المشروبات ، المصحوب بصوت المضيف المتكرر دون إنقطاع
شاي ، نسكافية ، فطار يا حضرات
يتوقف صوت العربة والمضيف عندما
يشير اليه الركاب فيتوقف ثم يميل ليسمع طلب كل منهم ، ثم يقدم الطلب
ومن ثم يعود صوت كلاً منهما
تنظر السمراء عبر الممر الذي يتوسط المقاعد و الموجود بطول عربة القطار
طفلات يلعبان في الممر وهم ممسكون بالطعام الذي يتساقط قطع صغيرة منه في ارض الممر
يختفي بعض الركاب خلف الجرائد
يضع الشباب سماعات المسجلات بآذانهم
يتعالى صوت أجش ، يا أستاذ خلصت الجرنال ، ممكن اقرأه؟
تناقش الفتايات المرتديات الملابس الواسعة ذات الطابع الاوروبي تقارير العمل التنموي
مناقشات لمشروعات تطوير التعليم ، وأخري للمشروعات الخاصة بالقروض الصغيرة
ينحني الركاب النائمون معترضون على الصوت المرتفع والمقاعد غير المريحة التي أفسدت احلامهم وحولتها الى كوابيس
يوقظهم منها المفتش أثناء مروره وهو يقول تذاكر يا حضرات ويتبعها بكلمة توصل بالسلامة
تتداخل أصوات رنات الجوال معلنه نغمات أغنيات السيدة أم كلثوم وتستكملها بأعنية للراحل عبد الحليم منتهياً بأغنية للشاب تامر حسني ممزوجة بنغمات أغنيات الشاب عمرو دياب
يتسلل صوت خفيض مجيباً على أحد الهواتف
أنا في الطريق ، لا يا دكتور هنزل على الجامعة على طول ، عندي محاضرة
يقف القطار بدون مبرر
تستمر الاحاديث دون توقف إلا إن الاصوات اصبحت أكثر ارتفاعاً
يسود الصمت فجأة
يتسأل أحد الركاب
هو فية أية ؟ هو القطر واقف ليه؟ عايزين نلحق شغلنا
يستجيب القطار وينطلق في طريقه
يبدأ الركاب في انزال الحقائب من فوق الأرفف
يتحركون إلى الأبواب
يتوقف القطار في المحطة المقررة
يتدافعون من الباب تنافسهم الحقائب
يسرعون إلى ابواب المحطة ليستقلون سيارات الأجرة التي تقف في صف طويل في انتظار ركاب القطار
تؤدي السمراء عملها ثم تعود إلى رحلة العودة
الساعة الآن الرابعة والربع بعد الظهر
تبحث عن مقعد مظلل فالحرارة شديدة
يتسلل الى اذنها الخبر المشؤوم الذي يزفه أحد الباعة
قطار الساعة 3.20 لم يصل إلى الآن
يتقدم أحد الشباب ليسأل
هو حضرتك حاجزة في قطر الساعة السادسة
لا ، الرابعة والربع
يبقي على وصول
لا ، قطار 3.20 لم يصل إلى الآن
متقوليش كدة دة انا حاجز الساعة السادسة
تجيب السمراء بتهكم
يتأخر احسن ما يتحرق
يصعقها الرد
قطارات الوجة البحري هي المعرضة للحريق أما قطارات الوجة القبلي فهي متأخرة فقط
يتزايد عدد المنتظرون
يتحركون نحو الرصيف ليتابعون القطار الذي يتقدم من بعيد
يعودون إلى أماكنهم يجرون ازيال الخيبة حيث لم يكن القطار المنتظر
تنظر السمراء نحو الساعة المعلقة بالمحطة
الساعة الآن السادسة
يصدر مذياع المحطة حشرجة
يقول المسؤول بفخر
قطار 187 المقرر وصولة الساعة 3.20 والمتأخرررررررررررر يصل الآن على رصيف 4
يصل القطار ويندفع ركاب القطار والقطارات التالية نحو الأبواب
تقف السمراء في الممر فلا يوجد مكان واحد فارغ
تتحرك بين العربات
طلاب معهد الطيران عائدون الى القاهرة في اجازتهم الأسبوعية
فتيات المشروعات التنموية يقصون احداث اليوم مستخلصين نجاحاتهم
الأطفال يلعبون العاب جماعية
اصوات الهواتف متداخلة بنغمات المغنيون القدامي والشبان
بائع الجرائد ينادي
مسسسسسسسسسسسسساء
عربة المشروبات تتحرك بين الواقفون
المفتش يمر وهو يصيح
تذاكر يا حضرات
تلتفت السمراء نحو نفس الصوت الأجش الذي يقول
يا أستاذ خلصت الجرنال ، ممكن اقرأه
تخرج السمراء هاربة من الضجيج
تقابلها رائحة الدخان مختلطة براحة دورة المياة في المتسع الموجود بين العربات
تعود لتدخل عربة جديدة
تسمع وتري نفس الأشياء
يتوقف القطار في محطة الجيزة
يجلس الواقفون على المقاعد بأعتزاز ويتبادلون بدورهم الاحاديث
يقف القطار في محطة القاهرة
تستقل السمراء سيارتها عائدة إلى منزلها
تقف تحت رزاز المياه الذي يغسل عناء رحلة الذهاب والعودة
تهرع داخل الممر الضيق بين المارة ذهاباً وإياباَ
تحمد الله على أن القطار لم يتحرك بعد
تقفز داخله ثم تتحرك ببطئ معلقة عينيها على أرقام المقاعد باحثة عن المكان المخصص لها
تجلس متنفسة الصعداء
تقتحم كلمات الوداع الصمت المخيم على المكان
خدي بالك من نفسك ، كلميني أول ما توصلي
يسود الصمت من جديد ،ثم يعود صوت آخر
اهرام ، أخبار ، الموعد
تمر فتاة شابة وتسأل
عربية كام دي؟
يتطوع أحد الركاب مجيباً
عربية 6
يسود صمت من جديد
يسأل أحد الركاب جاره
هي الساعة كام؟
يجيب بفتور
الساعة 7 إلا دقيقتين
يهم القطار بالتحرك
بعد خمسة عشر دقيقة يصل إلى محطة الجيزة
يتدفق حشود من البشر
تتعالى الأصوات
عن اذنك يا أستاذ دة مكاني
يقف الأستاذ متثاقلاً فيجلس صاحب المقعد
يتحرك الأستاذ فجأة بنشاط باحثاً عن مكان آخر
تدخل سيدتان مرتديتان جلباب اسود مغطيتان الروؤس بقماش أسود
يتجاوزهما شابان يرتدي كل منهما جلباب أبيض وعلى رؤسهما عصابة بيضاء محكمة اللف
تنادي أحد السيدتان بلهجة جنوبية
أحمد متبعدش عني يا ولدي
تصرخ الثانية بنفس اللهجة
والنبي يا أحمد كلم خالك قله احنا جايين في الطريق لو كانت الحاجة ماتت ميخرجوهاش إلا لما نوصل
يجيب أحمد بهدوء
حاضر يا خالة
يتحرك القطار
يلتفت الجميع نحو الصوت المنبعث من عربة المشروبات ، المصحوب بصوت المضيف المتكرر دون إنقطاع
شاي ، نسكافية ، فطار يا حضرات
يتوقف صوت العربة والمضيف عندما
يشير اليه الركاب فيتوقف ثم يميل ليسمع طلب كل منهم ، ثم يقدم الطلب
ومن ثم يعود صوت كلاً منهما
تنظر السمراء عبر الممر الذي يتوسط المقاعد و الموجود بطول عربة القطار
طفلات يلعبان في الممر وهم ممسكون بالطعام الذي يتساقط قطع صغيرة منه في ارض الممر
يختفي بعض الركاب خلف الجرائد
يضع الشباب سماعات المسجلات بآذانهم
يتعالى صوت أجش ، يا أستاذ خلصت الجرنال ، ممكن اقرأه؟
تناقش الفتايات المرتديات الملابس الواسعة ذات الطابع الاوروبي تقارير العمل التنموي
مناقشات لمشروعات تطوير التعليم ، وأخري للمشروعات الخاصة بالقروض الصغيرة
ينحني الركاب النائمون معترضون على الصوت المرتفع والمقاعد غير المريحة التي أفسدت احلامهم وحولتها الى كوابيس
يوقظهم منها المفتش أثناء مروره وهو يقول تذاكر يا حضرات ويتبعها بكلمة توصل بالسلامة
تتداخل أصوات رنات الجوال معلنه نغمات أغنيات السيدة أم كلثوم وتستكملها بأعنية للراحل عبد الحليم منتهياً بأغنية للشاب تامر حسني ممزوجة بنغمات أغنيات الشاب عمرو دياب
يتسلل صوت خفيض مجيباً على أحد الهواتف
أنا في الطريق ، لا يا دكتور هنزل على الجامعة على طول ، عندي محاضرة
يقف القطار بدون مبرر
تستمر الاحاديث دون توقف إلا إن الاصوات اصبحت أكثر ارتفاعاً
يسود الصمت فجأة
يتسأل أحد الركاب
هو فية أية ؟ هو القطر واقف ليه؟ عايزين نلحق شغلنا
يستجيب القطار وينطلق في طريقه
يبدأ الركاب في انزال الحقائب من فوق الأرفف
يتحركون إلى الأبواب
يتوقف القطار في المحطة المقررة
يتدافعون من الباب تنافسهم الحقائب
يسرعون إلى ابواب المحطة ليستقلون سيارات الأجرة التي تقف في صف طويل في انتظار ركاب القطار
تؤدي السمراء عملها ثم تعود إلى رحلة العودة
الساعة الآن الرابعة والربع بعد الظهر
تبحث عن مقعد مظلل فالحرارة شديدة
يتسلل الى اذنها الخبر المشؤوم الذي يزفه أحد الباعة
قطار الساعة 3.20 لم يصل إلى الآن
يتقدم أحد الشباب ليسأل
هو حضرتك حاجزة في قطر الساعة السادسة
لا ، الرابعة والربع
يبقي على وصول
لا ، قطار 3.20 لم يصل إلى الآن
متقوليش كدة دة انا حاجز الساعة السادسة
تجيب السمراء بتهكم
يتأخر احسن ما يتحرق
يصعقها الرد
قطارات الوجة البحري هي المعرضة للحريق أما قطارات الوجة القبلي فهي متأخرة فقط
يتزايد عدد المنتظرون
يتحركون نحو الرصيف ليتابعون القطار الذي يتقدم من بعيد
يعودون إلى أماكنهم يجرون ازيال الخيبة حيث لم يكن القطار المنتظر
تنظر السمراء نحو الساعة المعلقة بالمحطة
الساعة الآن السادسة
يصدر مذياع المحطة حشرجة
يقول المسؤول بفخر
قطار 187 المقرر وصولة الساعة 3.20 والمتأخرررررررررررر يصل الآن على رصيف 4
يصل القطار ويندفع ركاب القطار والقطارات التالية نحو الأبواب
تقف السمراء في الممر فلا يوجد مكان واحد فارغ
تتحرك بين العربات
طلاب معهد الطيران عائدون الى القاهرة في اجازتهم الأسبوعية
فتيات المشروعات التنموية يقصون احداث اليوم مستخلصين نجاحاتهم
الأطفال يلعبون العاب جماعية
اصوات الهواتف متداخلة بنغمات المغنيون القدامي والشبان
بائع الجرائد ينادي
مسسسسسسسسسسسسساء
عربة المشروبات تتحرك بين الواقفون
المفتش يمر وهو يصيح
تذاكر يا حضرات
تلتفت السمراء نحو نفس الصوت الأجش الذي يقول
يا أستاذ خلصت الجرنال ، ممكن اقرأه
تخرج السمراء هاربة من الضجيج
تقابلها رائحة الدخان مختلطة براحة دورة المياة في المتسع الموجود بين العربات
تعود لتدخل عربة جديدة
تسمع وتري نفس الأشياء
يتوقف القطار في محطة الجيزة
يجلس الواقفون على المقاعد بأعتزاز ويتبادلون بدورهم الاحاديث
يقف القطار في محطة القاهرة
تستقل السمراء سيارتها عائدة إلى منزلها
تقف تحت رزاز المياه الذي يغسل عناء رحلة الذهاب والعودة
11 comments:
سمراء
ازيك
و بجد انابحب تأملاتك دى اوى و بتدورى فى بالى زيها و بتمنى اكتبها بس بنساها اول ما بوصل
تحياتى
حمد للة على السلامة
يعجبني جدا من يتامل الآخرين فى صمت
أما ما يبهرني
هو قدرته - التي افتقدتها - عن التعبير عن هذه التأملات
فالتعبير هنا يعطي أهمية للحدث أكثر من مجرد حدوثه
أحب بالقطار جدا للاسباب التي ذكرتيها كنت اقضى 6 ساعات بين يدي كتاب واحد
ولا حركة
وبجابني شخص نائم 6 ساعات
ولا حركة
( وياريت نايم وبس )
حملتى إلي الست ساعات من أول عربي كام دى ، إلى نغمات الموبايل المتباينة
بس ما شد انتباهي حاجة
معقولة لم يكن هناك شخص نائم
وياريت نايم وبس
تحياتي
دي مش رحلة ذهاب وعودة
دي مأساة ذهاب وعودة
ومع الأسف أنا من الناس اللي بيسافروا بالقطرات كتير وعارف كل تفصيلة إتكلمتي عنها ووصفتيها
تحياتي
العزيزه سمراء
رحله الذهاب و العوده كان من الممكن ان تصبح اجمل الرحلات لولا الضجيج و التأخير
كان ممكن تكون رحله هادئه مع النفس لكن حنعمل ايه هو ده الحال دايما
المهم حمدلله علي السلامه ياجاي من السفر واحشانا الابتسامه
:)
الله عليكى
وعلى اسلوبك الرائع
الذى يجعلنى انسى عناء اليوم
بوست رائع
تقبلى تحياتى
ومتعك الله بالحب والصحة والعافية
انتى بتركزى اوى مع يومك من اوله واخره
وعندك ميزة حلوة بس متعبه فى نفس الوقت
وهى (النظرة الناقده) سلام
وياريت تشيلى الورد فايبريكشن عشان بيضايق الزوار
الله عليكي
وعلي وصفك
اظن ان سيستم الحياه عندنا لا يتغير
يمكن في كل حته في الدنيا
الفرق احنا بنوصفه ازاي
تحياتي
يارب تكوني بخير
عندي طلب ضغنن
لو ممكن تشيلي الكلمه اللي بتتكتب دي قبل التعليق
word vareivication
احسن بتعصبني
مااجمل وصفك للاشياء بدقة وباحساس انتى دائما مميزة باسلوبك السهل والممتع
عزيزتي سمراء
قطعة جميلة من الأدب الواقعي تعكس رؤية ثاقبة للأحداث و قدرة على استخلاص المفردات في أكثر المشاهد طبيعية، لعل قضاء جزء من اليوم خارج حدود القاهرة هو المكافأة التي يستحقها من يقومون برحلة الذهاب و العودة المرهقة تلك، فالبعد عن القاهرة و لو لساعات كل يوم يعد بذاته غنيمة
تحياتي و تقديري
الحقيقة تفاصيل دقيقة ومرئية طريقةأشعرتني بكل حدث داخل القطار وأبطال القطار الذين لا يخلون من كل رحلة تقريبا لي مابين القاهرة وأسوان
جميل عين الكاميرا لديكي في إلتقاط كلما تقع عليه عيناكي ثم تدونين لنا الفلاش باك عن كل أحداث ومفردات رحلة داخل القطار بكل ما فيها من تباين في الأشخاص وخلافه
دائما مميزة
أرابيسك
Post a Comment